وهم الذين لم يأخذوا بما دلت عليه تلك الاحاديث ولم يتبعوا الصحابة فيما تحكيه عنهم تلك الاثار ، وهم بين راد عليها الرد القاطع ، وبين مؤول لها على بعض الوجوه... وقد انصبت كلمات الرد والنقد ـ في الاغلب ـ على الاثار المحكية ـ التي ذكرنا بعضها في الفصل الاول تحت عنوان « كلمات الصحابة والتابعين في وقوع الحذف والتغيير والخطأ في القرآن المبين » ـ بالطعن في الراوي أو الرواية أو الصحابي...على تفاوت فيما بينها في المرونة والخشونة...
قال الطبري بعد ذكر مختاره : « وإنما اخترنا هذا على غيره لانه قد ذكر أن ذلك في قراءة ابي بن كعب (والمقيمين) وكذلك هو في مصحفه فيما ذكروا ، فلوكان ذلك خطأ من الكاتب لكان الواجب أن يكون في كل المصاحف غير مصحفنا الذي كتبه لنا الكاتب الذي أخطأ في كتابه بخلاف ما هو في مصحفنا ، وفي اتفاق مصحفنا ومصحف ابي مايدل على أن الذي في مصحفنا من ذلك صواب غير خطأ. مع أنذلك لو كان خطأ من جهة الخط لم يكن الذين أخذ عنهم القرآن من أصحاب رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] يعلمون من علموا ذلك من المسلمين على وجه اللحن ، ولا صلحوه بألسنتهم ولقنوه للامة تعليما على وجه الصواب ، وفي نقل المسلمين جميعا ذلك قراءة على ما هو به في الخط مرسوما أدل دليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب » (1).
وقال الداني : « فإن قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى ابن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان أن المصاحف لما نسخت عرضت عليه فوجد فيها حروفا من اللحن ، فقال :اتركوها فإن العرب ستقيمها ـ أو ستعربها ـ بلسانها. إذ ظاهره يدل على خطأ في الرسم.
قلت : هذا الخبر عندنا لا يقوم بمثله حجة ، ولا يصح به دليل من جهتين ، إحداهما : أنه ـ مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه ـ مرسل ، لان ابن يعمر وعكرمة لم يسمعا من عثمان شيئا ، ولا رأياه ، وأيضا فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان ، لما فيه من الطعن عليه ، مع محله من الدين ومكانه من الاسلام ، وشدة اجتهاده في بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للامة. فغير متمكن أن يقول لهم ذلك وقد جمع المصحف مع سائر الصحابة الاخيار الاتقياء الابرار نظرالهم ليرتفع الاختلاف في القرآن بينهم ، ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ، ممن لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده. هذا مالا يجوز لقائل أن يقوله ، ولا يحل لاحد أن يعتقده.
فإن قال : فما وجه ذلك عندك لو صح عن عثمان ؟
قلت : وجهه أن يكون عثمان أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم» (2).
وقال الزمخشري : « [ والمقيمين ] نصب على المدح لبيان فضل الصلاة وهو باب واسع قد ذكره سيبويه على أمثلة وشواهد ، ولا يلتفت إلى ما زعموا من وقوعه لحنا في خط المصحف ، وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف مذاهب العرب وما لهم في النصب على الاختصاص من الافتنان ، وغبي عليه أن السابقين الاولين الذين مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كانوا أبعد همة في الغيرة على الاسلام وذب المطاعن عنه من أن يتركوا في كتاب الله ثلمة ليسدها من بعدهم ، وخرقا يرفوه من يلحق بهم...» (3).
وقال الرازي : « وأما قوله : [ والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة ] ففيه أقوال ، الاول : روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها. واعلم: أن هذا بعيد ، لان هذا المصحف منقول بالنقل المتواتر عن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه ؟ !» (4).
وقال الزمخشري في الاية « ... حتى تستأنسوا...» بعد نقل الرواية عن ابن عباس فيها : « ولايعول على هذه الرواية» (5).
وقال الرازي فيها : « واعلم أن هذا القول من ابن عباس فيه نظر ، لانه يقتضي الطعن في القرآن الذي نقل بالتواتر ، ويقتضي صحة القرآن الذي لم ينقل بالتواتر ، وفتح هذين البابين يطرق الشك في كل القرآن ، وأنه باطل» (6).
وقال النيسابوري : « روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا : إن في المصحف لحنا وستقيمه العرب بألسنتها ، ولا يخفى ركاكة هذا القول ، لان هذا المصحف منقول بالتواتر عن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] ، فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه ؟ !» (7).
وقال ابن كثير في « ... حتى تستأنسوا ...» بعد نقل قول ابن عباس : « وهذا غريب جدا عن ابن عباس» (8).
وقال الخازن في « ... والمقيمين...» : « اختلف العلماء في وجه نصبه ، فحكي عن عائشة وأبان بن عثمان : أنه غلط من الكتاب ، ينبغي أن تكتب : والمقيمون الصلاة. وقال عثمان بن عفان : إن في المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتهم ، فقيل له : أفلا تغيره ؟ ! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا . وذهب عامة الصحابة وسائر العلماء من بعدهم إلى أنه لفظ صحيح ليس فيه خطأ من كاتب ولا غيره.
واجيب عما روي عن عثمان بن عفان وعن عائشة وأبان بن عثمان : بأن هذا بعيد جدا ، لان الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والفصاحة والقدرة على ذلك ، فكيف يتركون في كتاب الله لحنا يصلحه غيرهم ، فلا ينبغي أن ينسب هذا لهم. قال ابن الانباري : ما روي عن عثمان لا يصح لانه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره. وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت إلى ما زعموا...» (9).
وقال في « ... حتى تستأنسوا...» : « وكان ابن عباس يقرأ : حتى تستأذنوا. ويقول : تستأنسوا خطأ من الكاتب. وفي هذه الرواية نظر لان القرآن ثبت بالتواتر» (10).
وقال الرازي في الاية « إن هذان لساحران» : « القراءة المشهورة إن هذان لساحران. ومنهم من ترك هذه القراءة ، وذكروا وجوها اخر ج فذكرها ووصفها بالشذوذ ، ثم قال : ] واعلم أن المحققين قالوا : هذا القراءات لا يجوز تصحيحها ، لانها منقولة بطريق الاحاد ، والقرآن يجب أن يكون منقولا بالتواتر ، إذ لو جوزنا إثبات زيادة في القرآن بطريق الاحاد لما أمكننا القطع بأن هذا الذي هو عندنا كل القرآن ، لانه لما جاز في هذه القراءات أنهامع كونها من القرآن ما نقلت بالتواتر جاز في غيرها ذلك ، فثبت أن تجويز كون هذه القراءات من القرآن يطرق جواز الزيادة والنقصان والتغيير إلى القرآن وذلك يخرج القرآن عن كونه حجة ، ولما كان ذلك باطلا فكذلك ما أدى إليه ، وأما الطعن في القراءة المشهورة فهو أسوأ مما تقدم من وجوه :
أحدها : أنه لما كان نقل هذه القراءة في الشهرة كنقل جميع القرآن فلو حكمنا ببطلانها جاز مثله في جميع القرآن ، وذلك يفضى إلى القدح في التواتر وإلى القدح في كل القرآن ، وأنه باطل وإذا ثبت ذلك امتنع صيرورته معارضا بخبر الواحد المنقول عن بعض الصحابة.
وثانيها : أن المسلمين أجمعوا على أن ما بين الدفتين كلام الله تعالى ، وكلام الله تعالى لا يجوز أن يكون لحنا وغلطا ، فثبت فساد ما ينقل عن عثمان وعائشة أن فيه لحنا وغلطا.
وثالثها : قال ابن الانباري : إن الصحابة هم الائمة والقدوة ، فلو وجدوا في المصحف لحنا لما فوضوا إصلاحه إلى غيرهم من بعدهم ، مع تحذيرهم من الابتداع وترغيبهم في الاتباع...» (11).
وقال أبوحيان الاندلسي في « ... والمقيمين...» بعدما ذكر عن عائشة وأبان بن عثمان فيها : « ولا يصح عنهما ذلك ، لانهما عربيان فصيحان» (12).
وقال القنوجي : « وعن عائشة أنها سئلت عن (المقيمين) وعن قوله (إن هذان لساحران) و (الصابئون) في المائدة ، فقالت : يا ابن أخي ، الكتاب أخطأوا.
وروي عن عثمان بن عفان أنه لما فرغ عن المصحف واتي به قال : أرى فيه شيئا من لحن ستقيمه العرب بألسنتها ، فقيل له : ألا تغيره ؟ ! فقال : دعوه ، فإنه لا يحل حراما ولا يحرم حلالا.
قال ابن الانباري : وما روي عن عثمان لا يصح ، لانه غير متصل ، ومحال أن يؤخر عثمان شيئا فاسدا ليصلحه غيره ، ولان القرآن منقول بالتواتر عن رسول الله [ صلى الله عليه وآله ] فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه ؟ !
وقال الزمخشري في الكشاف : ولا يلتفت...» (13).
وقال في « إن هذان لساحران» : « فهذه أقوال تتضمن توجيه هذه القراءة بوجه تصح به وتخرج به عن الخطأ ، وبذلك يندفع ما روي عن عثمان وعائشة أنه غلط من الكاتب للمصحف» (14).
وقال الالوسي في « والمقيمين» : « ولا يلتفت إلى من زعم أن هذا من لحن القرآن وأن الصواب (والمقيمون) بالواو كما في مصحف عبدالله وهي قراءة مالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي ، إذ لا كلام في نقل النظم متواترا فلا يجوز اللحن فيه أصلا. وأماما روي أنه لما فرغ من المصحف اتي به إلى عثمان فقال : قد أحسنتم وأجملتم... فقد قال السخاوي : إنه ضعيف ، والاسناد فيه اضطراب وانقطاع ، فإن عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، وقد كتب عدة مصاحف وليس فيها اختلاف أصلا إلا فيما هو من وجوه القراءات. وإذا لم يقمه هو ومن باشر الجمع ـ وهم هم ـ كيف يقيمه غيرهم ؟ !» (15).
فهذه كلمات في رد هذه الاحاديث ، ويلاحظ أن بعضهم يكتفي « بالاستبعاد» ، وآخريقول : « فيه نظر» ، وثالث يقول : « لا يخفى ركاكة هذا القول» ، ورابع يقول : « لا يلتفت...» ، وخامس يقول : « غريب».
ومنهم من يجرأ على التضعيف بصراحة فيقول : « لا يصح» ، وفي « الاتقان» عن ابن الانباري أنه جنح إلى تضعيف هذه الروايات (16) وعليه الباقلاني في « نكت الانتصار» (17) وجماعة.
لكن بعضهم يستدل ويبرهن على بطلان هذه الاحاديث ، لان القول بها يفضي إلى القدح في تواتر القرآن ، والطعن في الصحابة وخاصة في جامعي المصحف وعلى رأسهم عثمان ، فهذه الاحاديث باطلة لاستلزامها للباطل...
وجماعة ذهبوا إلى أبعد من كل هذا ، وقالوا بوضع هذه الاحاديث واختلاقها ، من قبل أعداء الاسلام...
فيقول الحكيم الترمذي (18) : « ... ما أرى مثل هذه الروايات إلا من كيد الزنادقة ...» (19)
ويقول أبوحيان الاندلسي : « ومن روى عن ابن عباس أن قوله : (حتى تستأنسوا) خطأ أو وهم من الكاتب ، وأنه قرأ حتى (تستأذنوا) فهو طاعن في الاسلام ملحد في الدين ، وابن عباس برىَ من هذا القول» (20).
وهكذا عالج بعض العلماء والكتاب المتأخرين والمعاصرين هذه الاحاديث ، فنرى صاحب « المنار» يقول :
« وقد تجرأ بعض أعداء الاسلام على دعوى وجود الغلط النحوي في القرآن ، وعد رفع (الصابئين) هنا من هذا الغلط. وهذا جمع بين السخف والجهل ، وإنما جاءت هذه الجرأة من الظاهر المتبادر من قواعد النحو ، مع جهل أو تجاهل أن النحو استنبط من اللغة ولم تستنبط اللغة منه...» (21).
ويقول : « وقد عد مثل هذا بعض الجاهلين أو المتجاهلين من الغلط في أصح كلام وأبلغه ، وقيل : إن (المقيمين) معطوف على المجرور قبله... وما ذكرناه أولا أبلغ عبارة وإن عده الجاهل أو المتجاهل غلطا ولحنا. وروي أن الكلمة في مصحف عبدالله بن مسعود مرفوعة ، فإن صح ذلك عنه وعمن قرأها مرفوعة كمالك بن دينار والجحدري وعيسى الثقفي كانت قراءة ، وإلا فهي كالعدم.
وروى عن عثمان أنهقال : إن في كتابة المصحف لحنا ستقيمه العرب بألسنتها ، وقد ضعف السخاوي هذه الرواية وفي سندها اضطراب وانقطاع.فالصواب أنها موضوعة ، ولو صحت لما صح أن يعد ما هنا من ذلك اللحن ، لانه
وهو رأي الرافعي ومحمد أبو زهرة ، فقد وصف محمد أبوزهرة هذه الاحاديث المنافية لتواتر القرآن ب : « الروايات الغريبة البعيدة عن معنى تواتر القرآن الكريم ، التي احتوتها بطون بعض الكتب كالبرهان للزركشي والاتقان للسيوطي ، التي تجمع كما يجمع حاطب ليل ، يجمع الحطب والافاعي ، مع أن القرآن كالبناء الشامخ الاملس الذي لا يعلق به غبار).
ثم استشهد بكلام الرافعي القائل : « ... ونحسب أن أكثر هذا مما افترته الملحدة» وقال : « وإن ذلك الذي ذكره هذا الكاتب الاسلامي الكبير حق لا ريب فيه» (23).
فهذا موقف هوَلاء من هذا القسم من الاحاديث والاثار ، وعليه آخرون منهم لم نذكر كلماتهم هنا اكتفاء بمن ذكرناه...
وقد اغتاظ من هذا الموقف جماعة واستنكروه بشدة ... ومن أشهرهم الحافظ ابن حجر العسقلاني ، الذي تحامل علىالزمخشري ومن كان على رأيه قائلا بعد الحديث عن ابن عباس « كتبها وهو ناعس» : « وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحته ، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته ـ إلى أن قال ـ وهي والله فرية بلا مرية ، وتبعه جماعة بعده ، والله المستعان.
وقد جاء عن ابن عباس نحو ذلك في قوله تعالى : وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه.
وهذه الاشياء ـ وإن كان غيرها المعتمد ـ لكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس من دأب أهل التحصيل ، فلينظر في تأويله بما يليق» (24).
لكن العجب من ابن حجر لماذا أحال التأويل اللائق إلى غيره وقد كان عليه أن يذكره بنفسه وهو بصدد الدفاع عن الاحاديث الصحاح ؟ !
نعم ، نظر بعضهم في تأويله وذكرت وجوه ، فقال الداني بالنسبة إلى ما روي عن عثمان ـ على فرض صحته ـ : « وجهه أن يكون أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم).
وأجاب ابن أشتة عن هذه الاثار كلها بأن المراد : « أخطأوا في الاختيار وما هو الاولى للجمع عليه من الاحرف السبعة ، لا أن الذي كتب خطأ خارج عن القرآن.
فمعنى قول عائشة : (حرف الهجاء) القي إلى الكاتب هجاء غير ما كان الاولى أن يلقى إليه من الاحرف السبعة ، وكذا معنى قول ابن عباس : « كتبها وهو ناعس» يعني : فلم يتدبر الوجه الذي هو أولى من الاخر. وكذا سائرها» (25).
وأتعب السيوطي نفسه في هذا المقام ، فإنه بعد أن أورد الاثار بين وجه الاشكال فيها وتصدى لتأويلها... ولننقل عبارته كاملة لننظر هلجاء « بما يليق» ؟ :
قال : « هذه الاثار مشكلة جدا ، وكيف يظن بالصحابة أولا : أنهم ـ يلحنون في الكلام فضلا عن القرآن ، وهم الفصحاء اللد ؟ ! ثم كيف يظن بهم ثانيا : في القرآن الذي تلقوه من النبي [ صلى الله عليه وآله ] كما انزل ، وحفظوه وضبطوه وأتقنوه ؟ ! ثم كيف يظن بهم ثالثا : اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته... ثم كيف يظن بهم رابعا : عدم تنبههم ورجوعهم عنه ؟ !
ثم كيف يظن بعثمان : أنه ينهى عن تغييره ؟ ! ثم كيف يظن أن القراءة استمرت على مقتضى ذلك الخطأ ، وهو مروي بالتواتر خلفا عن سلف ؟ ! هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة.
وقد أجاب العلماء عن ذلك بثلاثة أجوبة :
أحدها : أن ذلك لا يصح عن عثمان ، فإن إسناده ضعيف مضطرب منقطع ، ولان عثمان جعل للناس إماما يقتدون به ، فكيف يرى فيه لحنا ويتركه لتقيمه العرب بألسنتها ، فإذا كان الذين تولوا جمعه وكتابته لم يقيم واذلك وهم الخيار فكيف يقيمه غيرهم ؟ ! وأيضا : فإنه لم يكتب مصحفا واحدا بل كتب عدة مصاحف.
فإن قيل : إن اللحن وقع في جميعها فبعيد اتفاقها على ذلك ، أو في بعضها.
فهو اعتراف بصحة البعض ، ولم يذكر أحد من الناس أن اللحن كان في مصحف دون مصحف ، ولم تأت المصاحف قط مختلفة إلا فيما هو من وجوه القراءة ، وليس ذلك باللحن.
الثاني : على تقدير صحة الرواية ، فإن ذلك محمول على الرمز والاشارة.
الثالث : أنه مؤول على أشياء خالف لفظها رسمها... وبهذا الجواب وما قبله جزم ابن أشتة في كتاب « المصاحف».
وقال ابن الانباري في كتاب « الرد على من خالف مصحف عثمان» في الاحاديث المروية عن عثمان في ذلك : « لا تقوم بها حجة ، لانها منقطعة غير متصلة ، وما يشهد عقل بأن عثمان وهو إمام الامة الذي هو إمام الناس في وقته وقدوتهم يجمعهم على المصحف الذي هو الامام فيتبين فيه خللا ويشاهد في خطه زللا فلا يصلحه ، كلا والله ما يتوهم عليه هذا ذو إنصاف وتمييز ، ولا يعتقد أنه أخر الخطأ في الكتاب ليصلحه من بعده ، وسبيل الجائين من بعده البناء على رسمه والوقوف عند حكمه.
ومن زعم أن عثمان أراد بقوله : أرى فيه لحنا. أرى في خطه إذا أقمناه بألسنتنا كان الخط غير مفسد ولا محرف من جهة تحريف الالفاظ وإفساد الاعراب ـ فقد أبطل ولم يصب ، لان الخط منبىء عن النطق ، فمن لحن في كتبه فهو لاحن في نطقه ، ولم يكن عثمان ليؤخر فسادا في هجاء ألفاظ القرآن من جهة كتب ولا نطق ، ومعلوم أنه كان مواصلا لدرس القرآن ، متقنا لالفاظه ، موافقا على ما رسم في المصاحف المنفذة إلى الامصار والنواحي...
ثم قال ابن أشتة : أنبأنا محمد بن يعقوب ، أنبأنا أبوداود سليمان بن الاشعث ، أنبأنا أحمد بن مسدة ، أنبأنا إسماعيل ،أخبرني الحارث بن عبدالرحمن ، عن عبدالاعلى بن عبدالله بن عامر ، قال : لما فرغ من المصحف اتي به عثمان فنظر فيه فقال : أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا.
فهذا الاثر لا إشكال فيه ، ويتضح معنى ما تقدم ، فكأنه عرض عليه عقب الفراغ من كتابته فرأى فيه شيئا كتب على غير لسان قريش ، كما وقع لهم في (التابوة) و (التابوت) ، فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش ، ثموفى بذلك عند العرض والتقويم ، ولم يترك فيه شيئا. ولعل من روى تلك الاثار السابقة عنه حرفها ، ولم يتيقن اللفظ الذي صدر عن عثمان ، فلزم منه ما لزم من الاشكال ، فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك. ولله الحمد.
وبعد ، فهذه الاجوبة لا يصح منها شيء عن حديث عائشة. أما الخواب بالتضعيف فلان إسناده صحيح كما ترى ، وأما الجواب بالرمز وما بعده فلان سؤال عروة عن الاحرف المذكورة لا يطابقه ، فقد أجاب عنه ابن أشتة ـ وتبعه ابن جبارة في شرح الرائية ـ بأن معنى قولها (أخطأوا) أي في اختيار الاولى من الاحرف السبعة لجمع الناس عليه ، لا أن الذي كتبوا من ذلك خطأ لا يجوز...
وأقول : هذا الجواب إنما يحسن لو كانت القراءة بالياء فيها والكتابة بخلافها ، وأما والقراءة على مقتضى الرسم فلا.
وقد تكلم أهل العربية عن هذه الاحرف ووجهوها أحسن توجيه ، أما قوله : (إن هذان لساحران) ففيه أوجه... وأما قوله : (والمقيمين الصلاة) ففيه أيضا أوجه... وأما قوله : (والصابئون) ففيه أيضا أوجه...» (26).
فهذا ما يتعلق بـ « كلمات الصحابة والتابعين...»
وأما الاحاديث التي رووها حول جمع القرآن ، المتضاربة فيما بينها ،والتي اعترف بعضهم كمحمد أبو زهرة بوجود روايات مدسوسة مكذوبة فيها (37) فقد حاولوا الجمع بينها ، ثم رفع التنافي بينها وبين أدلة عدم التحريف والبناء على أن القرآن مجموع في عصر النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبأمر منه... وإليك بيان ذلك بالتفصيل :
لقد تضاربت روايات أهل السنة حول جمع القرآن ، وعلى ضوئها اختلفت كلمات علمائهم... والمتحصل من جميعها : أن الجمع للقرآن كان على مراحل ثلاث ، الاولى : على عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ، حيث كتب في الرقاع والعسب... والثانية : على عهد أبي بكر ، وكان بانتساخه من العسب والرقاع وغيرها وجعله في مكان واحد... والثالثة : على عهد عثمان ، والذي فعله ترتيبه وحمل الناس على قراءة واحدة... هذا ماكادت تجمع عليه كلماتهم.
والجمع في عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان « حفظا » و « كتابة » معا ، أما حفظا فإن الذين جمعوا القرآن في عهد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كثيرون (28).
وأما كتابة فإن القرآن لم يكن كاملا في الكتابة على عهده عند الذين حفظوه كاملا ، لكن كانت كتابته كاملة عند الجميع ، فهو مكتوب كله عند جميعهم ، وما ينقص من عند واحد يكمله ما عند الاخرين ، إلا إنه كان متواترا كله عن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في عصره حفظا (29).
فعمد أبوبكر إلى جمعه، إذ أمر ـ بعد يوم اليمامة ـ بجمع تلك الكتابات وجمع القرآن منها بتأليفه وتدوينه (30).
ثم لم كثرت فيه القراءات ووقعت في لفظه الاختلافات جمع عثمان المصاحف من أصحابها وحمل الناس على قراءة واحدة من بينها وأعدم سائر المصاحف المخالفة لها.
لكن استخلاص هذه النتائج من تلك الاحاديث ، ودفع الشبهات التيتلحق بالقرآن ، يتوقف على النظر في ما ورد في هذا الباب سندا ومتنا والجمع بينها بحمل بعضها على البعض بقدر الامكان ، وهذا أمر لا بد منه... فنقول :
أولا : لقد وردت عن بعض الصحابة أحاديث فيها حصر من جمع القرآن على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ في عدد معين ، اتفق عبدالله بن عمرو وأنس بن مالك على أنهم « أربعة » على اختلاف بينهما في بعض أشخاصهم...
فعن عبدالله بن عمرو أنهم :عبدالله بن مسعود ، سالم ، معاذ بن جبل ، ابي ابن كعب (31).
وعن أنس بن مالك ـ في حديث عن قتادة عنه ـ هم : ابي بن كعب ، معاذ بن جبل ، زيد بن ثابت ، أبوزيد. قال : من أبوزيد ؟ قال : أحد عمومتي (32).
وفي آخر ـ عن ثابت عنه ـ ، قال : « مات النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ولم يجمع القرآن غير أربعة : أبوالدرداء ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد».
فأي توجيه صحيح لحصر جماع القرآن في أربعة ؟ وكيف الجمع بين ما روي عن الصحابيين ، ثم بين الحديثين عن أنس ؟
قال السيوطي : « قد استنكر جماعة من الائمة الحصر في الاربعة ، وقال المازري : لا يلزم من قول أنس (لم يجمعه غيرهم) أن يكون الواقع في نفس الامر كذلك... قال : وقد تمسك بقول أنس هذا جماعة من الملاحدة ولا مستمسك لهم فيه ، فإنا لا نسلم حمله عليه ظاهره » ثم ذكر السيوطي كلاما للقرطبي ونقل عن الباقلاني وجوها من الجواب عن حديث أنس ثم قال : « قال ابن حجر : وفي غالب هذه الاحتمالات تكلف » (33).
ثانيا : قد اختلفت أحاديثهم في « أول من جمع القرآن » ففي بعضها أنه
« أبوبكر » وفي آخر « عمر » وفي ثالث « سالم مولى أبي حذيفة » وفي رابع « عثمان ».
وطريق الجمع بينها أن يقال : إن أبابكر أول من جمع القرآن أي دونه تدوينا ، وأن المراد من : « فكان [ عمر ] أول من جمعه في المصحف » أي : أشار على أبي بكر أن يجمعه ، وأن المراد فيما ورد في « سالم » : أنه من الجامعين للقرآن بأمر أبي بكر ، وأما « عثمان » فجمع الناس على قراءة واحدة.
ثالثا : في بيان الاحاديث الواردة في كيفية الجمع وخصوصياته في كل مرحلة. أما في المرحلة الاولى ، فقد رووا عن زيد قوله : « كنا على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ نؤلف القرآن من الرقاع...» (34) ورووا عنه أيضا : « قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ولم يكن القرآن جمع في شيء » (35)وأنه قال لابي بكر لما أمره بجمع القرآن : « كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله ؟ !» (36).
إلا انه يمكن الجمع بين هذه الاخبار بحمل النافية على عدم تأليف القرآن وجمعة بصورة كاملة في مكان واحد ، بل كانت كتابته كاملة عند الجميع...
وأما في المرحلة الثانية : فإنه وإن كان أمر أبي بكر بجمع القرآن وتدوينه بعد حرب اليمامة ، لكن الواقع كثرة من بقي بعدها من حفاظ القرآن وقرائه ، مضافا إلى وجود القرآن مكتوبا على عهد النبي ـ صلىالله عليه وآله ـ... فلا تطرق الشبهة من هذه الناحية في تواتره. وأما الحديث : « إن عمر سأل من آية من كتاب الله كانت مع فلان قتل يوم اليمامة...» فإسناده منقطع (37) فالشبهة الثانية مندفعة كذلك.
وأما جمع القرآن من العسب واللخاف وصدور الرجال ـ كما عن زيد ـ فإنه لم يكن لان القرآن كان معدوما ، وإنما كان قصدهم أن ينقلوا من عين المكتوب بين يدي النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ولم يكتبوا من حفظهم. وأما قوله :
وصدور الرجال : فإنه كتب الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ، فكان يتتبعها من صدور الرجال ليحيط بها علما (38).
وأما قول أبي بكر لعمر وزيد : « اقعدا على باب المسجد فمن جاء كما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه » فقد قال الشيخ أبوالحسن السخاوي في « جمال القراء » : معنى هذا الحديث ـ والله أعلم ـ من جاء كم بشاهدين على شيء من كتاب الله تعالى. أي : من الوجوه السبعة التي نزل بها القرآن ولم يزد على شيء مما لم يقرأ أصلا ولم يعلم بوجه آخر (39).
وأما معنى قوله في الاية التي وجدها عند خزيمة فقال ابن شامة : « ومعنى قوله : فقدت آية كذا فوجدتها مع فلان، أنه كان يتطلب نسخ القرآن من غيرما كتب بأمر النبي ، فلم يجد كتابة تلك الاية إلا مع ذلك الشخص ، وإلا فالاية كانت محفوظة عنده وعند غيره. وهذا المعنى أولى مما ذكره مكي وغيره (40) : إنهم كانوا يحفظون الاية لكنهم نسوها، فوجودها في حفظ ذلك الرجل فتذاكروها وأثبتوها ، لسماعهم إياها من النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ (41).
وأما أن عمر أتى باية الرجم فلم يكتبها لانه كان وحده ، فهي رواية مخالفة للمعقول والمنقول (42) وإن أمكن تأويلها ببعض الوجوه.
وأما في المرحلة الثالثة : فإن عثمان ـ عندما اختلف المسلمون في القراءة ـ أرسل إلى حفصة يطلب منها ما جمع بأمر أبي بكر قائلا : « أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها عليك. فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد ابن ثابت و... فنسخوها في المصاحف...) (43).
هذا هو الواقع في هذه المرحلة ، وما خالفه يطرح أو يؤول كالحديث الذي روي : أنه كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد شاهدان. أوله ابن حجر على أن المراد من « الشاهدين » هو « الحفظ والكتابة » ، وناقش البيهقي في سنده وتبعه ابن شامة وصبحي الصالح (44) ، قال ابن شامة بعد أن رواه : « وأخرج هذا الحديث الحافظ البيهقي في كتاب المدخل بمخالفة لهذا في بعض الالفاظ وبزيادة ونقصان فقال :جلس عثمان على المنبر فحمدالله وأثنى عليه ثم قال : إنما عهد كم بنبيكم ـ صلى الله عليه وآله ـ منذ ثلاث عشرة سنة ، وأنتم تختلفون في القراءة ، يقول الرجل لصاحبه : والله ما تقيم قراءتك. قال : فعزم على كل من كان عنده شيء من القرآن إلا جاء به ، فجاء الناس بما عندهم ، فجعل يسألهم عليه البينة أنهم سمعوه من رسول الله. ثم قال : من أعرب الناس ؟ قالوا : سعيد بن العاص ، قال : فمن أكتب الناس ؟ قالوا : زيد بن ثابت كاتب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ، قال : فليمل سعيد وليكتب زيد قال : فكتب مصاحف ففرقها في الاجناد فلقد سمعت رجالا من أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ يقولون : لقد أحسن.
قال البيهقي : فيه انقطاع بين مصعب وعثمان. وقد روينا عن زيد بن ثابت أن التأليف كان في زمن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ. وروينا عنه أن الجمع في الصحف كان في زمن أبي بكر والنسخ في المصاحف كان في زمن عثمان ، وكان مايجمعون أو ينسخون معلوما لهم ، فلم يكن به حاجة إلى مسألة البينة.
قلت : لم تكن البينة على أصل القرآن ، فقد كان معلوما كما ذكروا إنما كانت على ما أحضروه من الرقاع المكتوبة ، فطلب البينة عليها أنها كانت كتبت بين يدي رسول الله ، وبإذنه على ما سمع من لفظه على ما سبق بيانه ، ولهذا قال :
فليمل سعيد. يعني من الرقاع التي احضرت ، ولو كانوا كتبوا من حفظهم لم يحتج زيد فيما كتبه إلى من يمليه عليه.
فإن قلت : كان قد جمعمن الرقاع في أيام أبي بكر ، فأي حاجة إلى استحضارها في أيام عثمان ؟
قلت : يأتي جواب هذا في آخر الباب » (45).
قال أبوشامة : « وأما ما روي من أن عثمان جمع القرآن أيضا من الرقاع كما فعل أبوبكر فرواية لم تثبت ، ولم يكن له إلى ذلك حاجة وقد كفيه بغيره...
ويمكن أن يقال : إن عثمان طلب إحضار الرقاع ممن هي عنده وجمع منها وعارض بما جمعه أبوبكر أو نسخ مما جمعه أبوبكر ، وعارض بتلك الرقاع أو جمع بين النظر في الجميع حالة النسخ ، ففعل كل ذلك أو بعضه استظهارا ودفعا لوهم من يتوهم خلاف الصواب ، وسدا لباب القالة : إن الصحف غيرت أو زيد فيها أو نقص » (46).
وأما ما رووا عن ابن مسعود من الطعن في زيد بن ثابت فكله موضوع (47). وإن عمل زيد لم يكن كتابة مبتدأة ولكنه إعادة لمكتوب ، فقد كتب في عصر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ، وإن عمله لم يكن عملا احاديا بل كان عملا جماعيا (48).
وأما المصاحف التي أمر بتحريقها ـ قال بعضهم ـ : « فإنها ـ والله أعلم ـ كانت على هذا النظم أيضا ، إلا انها كانت مختلفة الحروف على حسب ما كان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ سوغ لهم في القراءة بالوجوه إذا اتفقت في المعنى ـ وإن اختلفت في اللفظ » (49).
قال : « ويشهد ذلك ما روي عن محمد بن كعب القرظي ، قال : رأيت مصاحف ثلاثة : مصحفا فيه قراءة ابن مسعود ، ومصحفا فيه قراءة ابي ، ومصحفا فيه قراءة زيد. فلم أجد في كل منها ما يخالف بعضها بعضا » (50).
وأما أحاديث نقصان القرآن فالمعروف بينهم حملها على نسخ التلاوة ، لئلا يلزم ضياع شيء من القرآن ، ولا الطعن فيما أخرجه الشيخان وما رواه الائمة الاعيان ، وقد ذكروا لها أيضا وجوها من التأويل سنذكرها.
ولكن ـ مع ذلك ـ نجد فيهم من يطعن في بعض تلك الاحاديث فعن ابن الانباري في : « ابن آدم لو اعطي واديا » ، ورواية عكرمة : « قرأ علي عاصم ( لم يكن ) ثلاثين آية هذا فيها » : « إن هذا باطل عند أهل العلم ، لان قراءتي ابن كثير وأبي عمرو متصلتان بابي بن كعب لا يفرقان فيهما هذا المذكور في لم يكن » (51).
وقال بعضهم في « آية الحمية » : « روي عن عطية بن قيس ، عن أبي إدريس الخولاني : ان أبا الدرداء ركب إلى المدينة في نفر من أهل دمشق ومعهم المصحف ليعرضوه على ابي بن كعب وزيد وغيرهما ، فغدوا على عمر ، فلما قرؤا بهذه الاية : إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية.. قال عمر : ما هذه القراءة ؟ فقالوا : أقرأنا ابي... ، فهذه وما يشبهها أحاديث لم تشتهر بين نقلة الحديث ، وإنما يرغب فيها من يكتبها طلبا للغريب » (52).
وقال فيما ورد عن زر عن ابي بن كعب في عدد سورة الاحزاب (53) : « يحمل ـ إن صح ، لان أهل النقل ضعفوا سنده على أن تفسيرها... » (54).
وقال الطحاوي في « آية الرضاع » : « هذا مما لا نعلم أحدا رواه كما ذكرنا غير عبدالله بن أبي بكر ، وهو عندنا وهم منه ، أعني ما فيه مما حكاه عن عائشة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ توفي وهن مما يقرأ من القرآن. لان ذلك لو كان كذلك لكان كسائر القرآن ، ولجاز أن يقرأ به في الصلوات ، وحاشا لله أن يكون كذلك ، أو يكون قد بقي من القرآن ما ليس في المصاحف التي قامت بها الحجة علينا... ونعوذ بالله من هذا القول ممن يقوله.
ولكن حقيقة هذا الحديث عندنا ـ والله أعلم ـ ما قد رواه من أهل العلم عن عمرة من مقداره في العلم وضبطه له فوق مقدارعبدالله بن أبي بكر وهو القاسم بن محمد بن أبي بكر... فهذا الحديث أولى من الحديث الذي ذكرناه قبله... لان محالا أن يكون عائشة تعلم أن قد بقي من القرآن شىَ لم يكتب في المصاحف ، ولا تنبه على ذلك من أغفله...
ومما يدل على فساد ما قد زاده عبدالله بن أبي بكر على القاسم بن محمد ويحيى بن سعيد في هذا الحديث : أنا لا نعلم أحدا من أئمة أهل العلم روى هذا الحديث مع عبدالله بن أبي بكر غير مالك بن أنس. ثم تركه مالك فلم يقل به وقال بضده ، وذهب إلى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم. ولو كان ما في هذا الحديث صحيحا أن ذلك في كتاب الله لكان مما لا يخالفه ولا يقول بغيره »(55).
وقال النحاس بعد ذكر حديث آية الرضاع : « فتنازع العلماء هذا الحديث لما فيه من الاشكال ، فمنهم من تركه وهو مالك بن أنس وهو راوي الحديث... وممن تركه أحمد بن حنبل وأبوثور... وفي هذا الحديث لفظة شديدة الاشكال ، وهو قولها : فتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وهن مما يقرأ في القرآن. فقال بعض أجلة أصحاب الحديث : قد روى هذا الحديث رجلان جليلان أثبت من عبدالله بن أبي بكر ، فلم يذكرا أن هذا فيها ، وهما : القاسم بن محمد بن أبي بكر ويحيى بن سعيد الانصاري. وممن قال بهذا الحديث وأنه لا يحرم إلا بخمس رضعات : الشافعي.
وأما القول في تأويل (وهن مما يقرأ في القران) فقد ذكرنا رد من رده ، ومن صححه قال : الذي يقرأ من القرآن : وأخواتكم من الرضاعة.
وأما قول من قال : إن هذا كان يقرأ بعد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فعظيم ، لانه لو كان مما يقرأ لكانت عائشة قد نبهت عليه ، ولكان قد نقل إلينا في المصاحف التي نقلها الجماعة الذين لا يجوز عليهم الغلط. وقد قال الله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وقال : إن علينا جمعه وقرآنه... ولو كان بقي منه شيء لم ينقل إلينا لجاز أن يكون مما لم ينقل ناسخا لما نقل ، فيبطل العمل بما نقل ، ونعوذ بالله منهذا فإنه كفر » (56).
وقال السرخسي : « والدليل على بطلان هذا القول قوله تعالى : إنا نحن نزلنا الذكر... وبه يتبين أنه لا يجوز نسخ شيء منه بعد وفاته ـ صلى الله عليه وآله ـ وما ينقل من أخبار الاحاد شاذ لا يكاد يصح شيء منها وحديث عائشة لايكاد يصح » (57).
وقال الزركشي في الكلام على آية الرضاع : « وحكى القاضي أبوبكر في الانتصار عن قوم إنكار هذا القسم ، لان الاخبار فيه أخبار آحاد ، ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجية فيها » (58).
وقال صاحب المنار : « وروي عنها أيضا أنها قالت : كان فيما نزل من القرآن : ( عشر رضعات معلومات يحرمن ) ثم نسخن ب (خمس رضعات معلومات يحرمن) فتوفي النبي وهي فيما يقرأ من القرآن. وقد اختلف علماء السلف والخلف في هذه المسألة... ورواية الخمس هي المعتمدة عن عائشة وعليها العمل عندها... قال الذاهبون إلى الاطلاق أو إلى التحريم بالثلاث فما فوقها : إن عائشة نقلت آية الخمس نقل قرآن لا نقل حديث ، فهي لم تثبت قرآنا لان القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ، ولم تثبت سنة فتجعلها بيانا للقرآن ، ولا بد من القول بنسخها لئلا يلزم ضياع شيء من القرآن ، وقد تكفل الله بحفظه وانعقد الاجماع على عدم ضياع شيء منه ، والاصل أن ينسخ المدلول بنسخ الدال لا أن يثبت خلافه. وعمل عائشة به ليس حجة على إثباتة ، وظاهر الرواية عنها أنها لا تقول بنسخ تلاوته فيكون من هذا الباب.
ويزاد على ذلك أنه لو صح أن ذلك كان قرآنا يتلى لما بقي علمه خاصا بعائشة ، بل كانت الروايات تكثر فيه ويعمل به جماهير الناس ويحكم به الخلفاء ـ الراشدون ، وكل ذلك لم يكن ، بل المروي عن رابع الخلفاء وأول الائمة الاصفياء القول بالاطلاق كما تقدم ، وإذا كان ابن مسعود قد قال بالخمس فلا ـ يبعد أنه أخذ ذلك عنها ، وأما عبدالله بن الزبير فلا شك في أن قوله بذلك اتباع ـ لها ، لانها خالته ومعلمته ، واتباعه لها لا يزيد قولها قوة ولا يجعله حجة.
ثم إن الرواية عنها في ذلك مضطربة ، فاللفظ الذي أوردناه في السياق رواه عنها مسلم وكذا أبوداود والنسائي ، وفي رواية لمسلم : نزل عشر رضعات معلومات ثم نزل أيضا خمس معلومات. وفي رواية الترمذي :نزل في ـ القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس رضعات إلى خمس رضعات معلومات ، فتوفي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ والامر على ذلك. وفي رواية ابن ماجة : كان فيما أنزل الله ـ عزو جل ـ من القرآن ، ثم سقط لا يحرم إلاعشر رضعات أو خمس رضعات.
فهي لم تبين في شيء من هذه الروايات لفظ القرآن ولا السورة التي كان فيها ، إلا أن يراد برواية ابن ماجة أن ذلك لفظ القرآن.. . ثم قال بعد إيراد تأويل قاله ( المجامدون على الروايات من غير تمحيص ) كما وصفهم : ـ إن رد هذه الرواية عن عائشة لاهون من قبولها مع عدم عمل جمهور من السلف والخلف بها كما علمت. فإن لم نعتمد روايتها فلنا اسوة بمثل البخاري وبمن قالوا باضطرابها ، خلافا للنووي ، وإن لم نعتمد معناها فلنا اسوة بمن ذكرنا من الصحابة والتابعين ومن تبعهم في ذلك كالحنفية. وهي عند مسلم من رواية عمرة عن عائسة. أو ليس رد رواية عمرة وعدم الثقة بها أولى من القول بنزول شيء من القرآن لا تظهر له حكمة ولا فائدة ، ثم نسخه أو سقوطه أو ضياعه ، فإن عمرة زعمت أن عائشة كانت ترى أن الخمس لم تنسخ ؟ ! وإذا لا نعتد بروايتها » (59) .
وأبطل صاحب الفرقان الاحاديث الواردة في « الرضاع » و « الرجم » و « لو كان لابن آدم... » ونص على دس الاباطيل في الصحاح (60).
وقال بعض المعاصرين : « نحن نستبعد صدور مثل هذه الاثار بالرغم من ورودها في الكتب الصحاح... وفي بعض هذه الروايات جاءت العبارات التي لاتتفق ومكانة عمر ولا عائشة ، مما يجعلنا نطمئن إلى اختلاقها ودسها على المسلمين » (61).
وقال آخر في خبر ابن أشتة في المصاحف : ان عمر أتى باية الرجم فلم يكتبها زير لانه كان وحده : « هذه الرواية مخالفة للمعقول والمنقول» (62).
وتنازع العلماء حديث إنكار ابن مسعود الفاتحة والمعوذتين ، ففي ـ (الاتقان) عن الفخر الرازي : (نقل في بعض الكتب القديمة أن ابن مسعود كان ـ ينكر كون سورة الفاتحة والمعوذتين من القرآن. وهو في غاية الصعوبة ، لانا إن ـ قلنا : إن النقل المتواتر كان حاصلا في عصر الصحابة يكون ذلك من القرآن ، ـ فإنكاره يوجب الكفر ، وإن قلنا : لم يكن حاصلا في ذلك الزمان فيلزم أن القرآن ـ ليس بمتواتر في الاصل. قال : والاغلب على الظن أن نقل هذا المذهب عن ابن ـ مسعود نقل باطل ، وبه يحصل الخلاص عن هذه العقدة).
قال السيوطي : (وكذا قال القاضي أبوبكر : لم يصح عنه أنها ليست من ـ القرآن ولا حفظ عنه ، وإنما حكها وأسقطها من مصحفه إنكارا لكتابتها لا جحدا ـ لكونها قرآنا...
وقال النووي في شرح المهذب : أجمع المسلمون على أن المعوذتين والفاتحة من القرآن ، وأن من جحد منها شيئا كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح.
وقال ابن حزم في المحلى : هذا كذب على ابن مسعود وموضوع ، وإنما صح عنه قراءة عاصم ، عن زر ، عنه ، وفيها المعوذتان والفاتحة ».
قال السيوطي : « وقال ابن حجرفي شرح البخاري : قد صح عن ابن مسعود إنكار ذلك ، فأخرج أحمد وابن حبان عنه : أنه كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه. وأخرج عبدالله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الاعمش عن أبي إسحاق عن عبدالرحمن بن يزيد النخعي ، قال : كان عبدالله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول : إنهما ليستا من كتاب الله. وأخرج البزار والطبراني من وجه آخر عنه أنه : كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : إنما أمر النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ أن تعوذ بهما وكان لا يقرأ بهما. أسانيده صحيحة. قال البزار : لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة ، وقد صح أنه ـ صلى الله عليه وآله ـ قرأ بهما في الصلاة.
قال ابن حجر : فقول من قال : إنه كذب عليه مردود ، والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل ، بل الروايات صحيحة والتأويل محتمل (63).
أقول : لكن لم نر من ابن حجر تأويلا لهذه الاحاديث ، فهو إحالة إلى غيره كما فعل بالنسبة إلى الاحاديث السابقة ! !
قال السيوطي : « وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة كما سبق.
وهو تأويل حسن ، إلا إن الرواية الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك ، حيث جاء فيها : ويقول : إنهما ليست من كتاب الله » .
قال : ويمكن حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتم التأويل المذكور.
لكن من تأمل سياق الطرق المذكورة استبعد هذا الجمع.
وقد أجاب ابن الصباغ بأنه لم يستقر عنده القطع بذلك ثم حصل الاتفاق بعد ذلك ، وحاصله :أنهما كانتا متواترتين في عصره لكنهما لم يتواترا عنده.
وقال ابن قتيبة في « مشكل القرآن » : « ظن ابن مسعود أن المعوذتين ليستا من القرآن ، لانه رأى النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ يعوذ بهما الحسن والحسين ، فأقام على ظنه ، ولانقول : إنه أصاب في ذلك وأخطأ المهاجرون والانصار ».
قال السيوطي : « وأما إسقاطه الفاتحة من مصحفه فليس لظنه أنها ليست من القرآن ، معاذ الله ، ولكنه ذهب إلى أن القرآن إنما كتب وجمع بين اللوحين مخافة الشك والنسيان والزيادة والنقصان ، ورأى أن ذلك مأمون في الحمد لقصرها ووجوب تعلمها على كل واحد » (64).
أقول : هذه وجوه التأويل في حديث إنكار ابن مسعود كون الفاتحة والمعوذتين من القرآن ، ولهم في حمل الاحاديث الاخرى وجوه :
وقد حمل بعضهم عليه عددا من الاحاديث ، من ذلك ما ورد حول ما أسميناه باية الجهاد فقال : يحمل على التفسير. والمراد من « أسقط من القرآن » أي : أسقط من لفظه فلم تزل الاية بهذا اللفظ ، لا أنها كانت منزلة ثم اسقطت ، وإلا فما منع عمر وعبدالرحمن من الشهادة على أن الاية من القرآن وإثباتها فيه ؟! (65).
ومن ذلك : ما ورد حول آية المحافظة على الصوات عن عائشة وحفصة من إلحاق كلمة « وصلاة العصر » بقوله تعالى : « حافظوا على الصلوات والصلاة الوسصى » بأن الكلمة ادرجت على سبيل التفسير والايضاح (66).
ومن ذلك : ما ورد عن أبي موسى الاشعري حول سورة كانوا يشبهونها في الطول والشدة بسورة براءة ، فقد ذكر بعضهم له وجوها منها : أنه يجوز أن يكون تفسيرا ، وحفظ منها أي من تفسيرها ومعناها (67).
ومن ذلك : ما ورد عن زر بن حبيش ، عن ابي بن كعب ، أنه قال له : « كم تقرأ سورة الاعراف(68) ؟ قلت : ثلاثا وسبعين آية...» : فقد قيل : « يحمل إن صح ـ لان أهل النقل ضعفوا سنده ـ على أن تفسيرها كان يوازي سورة البقرة ، وأن في تفسيرها ذكر الرجم الذي وردت به السنة » (69).
وهذا وجه آخر اعتمد عليه بعض العلماء بالنسبة إلى عدد من الاحاديث :
ومن ذلك : قول أبي جعفر النحاس وبعضهم في آية الرجم : « إسناد الحديث صحيح ، إلا انه ليس حكمه حكم القرآن الذي نقله الجماعة عن الجماعة ، ولكنها سنة ثابتة... وقد يقول الانسان : « كنت أقرأ كذا » لغير القرآن ، والدليل على هذا أنه قال : ولولا أن أكره أن يقال : زاد عمر في القرآن ، لزدته » (70).
ومن ذلك : قول بعضهم حول آية : « لو كان لابن آدم... » : « إن هذا معروف في حديث النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ على أنه من كلام الرسول لا يحكيه عن رب العالمين في القرآن... ويؤيده حديث روي عن العباس بن سهل ، قال : سمعت لبن الزبير على المنبر يقول : قال رسول الله : لو أن ابن آدم اعطي واديان... » (71).
وعليه حمل بعضهم آية الرضاع حيث قال : « يحمل على الحكم النازل سنة لا على جهة القرآنية ، وإلا لما أكله الداجن ، والله يقول : إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. ولو كان من القرآن لما اجتمع فيه الناسخ والمنسوخ في آية واحدة ، بل كانت الاية الناسخة تتأخر عن المنسوخة ، كما لا يجوز أن يجتمع حكمان مختلفان في وقت واحد وحال واحدة. وكيف يجوز أن يكون قرآن يتلى على عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ على ما أخبرت به عائشة ولا يحفظه واحد من الصحابة » (72) قال : « ويدل على ذلك قوله ـ صلى الله عليه وآله ـ : اوتيت القرآن ومثله معه ، إنه الحكمة » (73).
وكذا حمل عليه آية الرجم ، قال : « وهو الري اعتمده شيخي أبوجعفر محمد بن أحمد بن جعفر» (74).
وهذا ما قاله بعضهم في ما سمي ب « سورةالحفد » و « سورة الخلع » فقال : « وأما ما ذكر عن ابي بن كعب أنه عد دعاء القنوت : اللهم إنا نستعينك... سورة من القرآن ، فإنه ـ إن صح ذلك ـ كتبها في مصحفه لا على أنها من القرآن ، بل ليحفظها ولا ينساها احتياطا ، لانه سمع النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ كان يقنت بها في صلاة الوتر ، وكانت صلاة الوتر أوكد السنن...» (75).
(1) تفسير الطبري 6 | 19.
(2) تاريخ القرآن ـ لمحمد طاهر الكردي ـ ص 65 عن المقنع.
(3) الكشاف 1 | 582.
(4) التفسير الكبير 11 | 105 ـ 106.
(5) الكشاف 3 | 59.
(6) التفسير الكبير 23 | 196.
(7) تفسيرالنيسابوري 6 | 23 هامش الطبري.
(8) تفسير ابن كثير 3 | 280.
(9) تفسير الخازن 1 | 422.
(10) تفسير الخازن 3 | 323.
(11) تفسير الكبير 22 | 74.
(12) البحر المحيط 3 | 394.
(13) فتح البيان 6 | 407 ـ 408.
(14) فتح البيان 6 | 94.
(15) روح المعاني 6 | 13 ـ 14.
(16) الاتقان 2 | 329.
(17) نكت الانتصار : 127.
(18) وهو الحافظ أبوعبدالله محمد بن علي ، صاحب التصانيف ، من أئمة علم الحديث ، له ترجمة في تذكرة الحفاظ 2 | 645 وغيرها.
(19) نوادر الاصول.
(20) البحر المحيط 6 | 445.
(21) المنار 6 | 478.
(22) المنار 6 | 64.
(23) المعجزة الكبرى : 43.
(24) فتح الباري 8 | 301.
(25) الاتقان 2 | 329.
(26) الاتقان 2 | 320 ـ 326.
(27) المعجزة الكبرى : 33.
(28) مباحث في علوم القرآن : 65.
(29) المعجزة الكبرى : 28.
(30) الاتقان 1 | 62 ،مناهل العرفان 1 | 242 ، إعجاز القرآن : 236.
(31) صحيح البخاري 6 | 102 ، صحيح مسلم 7 | 14.
(32) صحيح البخاري 6 | 102. واختلف في اسم أبي زيد هذا. انظر الاتقان 1 | 74.
(33) الاتقان 1 | 244 ـ 247.
(34) المستدرك 2 | 662.
(35) الاتقان 1 | 202.
(36) صحيح البخاري 6 | 225 .
(37) الاتقان 1 | 59.
(38) المرشد الوجيز : 57.
(39) المرشد الوجيز : 75.
(40) كالزركشي في البرهان 1 | 234.
(41) المرشد الوجيز : 75.
(42) الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف: 121.
(43) صحيح البخاري 6 | 225 ـ 226.
(44) مباحث في علوم القرآن : 76.
(45) المرشد الوجيز : 58 ـ 59.
(46) المرشد الوجيز : 75.
(47) مباحث في علوم القرآن : 82.
(48) المعجزة الكبرى : 33.
(49) مقدمتان في علوم القرآن : 45.
(50) مقدمتان في علوم القرآن : 47.
(51) مقدمتان في علوم القرآن : 85.
(52) مقدمتان في علوم القرآن :92.
(53) في لفظ رواية كتاب (مقدمتان في علوم القرآن) : (الاعراف).
(54) مقدمتان في علوم القرآن : 82.
(56) الناسخ والمنسوخ : 10 ـ 11.
(57) الاصول 2 | 78.
(58) البرهان في علوم القرآن 2 | 39 ـ 40.
(59) المنار 4 | 471 474.
(60) الفرقان : 157.
(61) النسخ في القرآن 1 | 283.
(62) الجواب المنيف في الرد على مدعي التحريف : 121.
(63) الاتقان في علوم القرآن 1 | 270 ـ272.
(64) الاتقان في علوم القرآن 1 | 272.
(65) مقدمتان في علوم القرآن : 100 .
(66) البرهان في علوم القرآن 1 | 215 ، مباحث في علوم القرآن : 112 ، الناسخ والمنسوخ : 15.
(67) مقدمتان في علوم القرآن : 97.
(68) كذا ، والذي نقلناه سابقا عن الدر المنثور عن طائفة من أهم مصادرهم : (الاحزاب).
(69) مقدمتان في علوم القرآن : 83.
(70) الناسخ والمنسوخ : 8 ، مقدمتان في علوم القرآن : 78.
(71) مقدمتان في علوم القرآن : 85.
(72) مقدمتان في علوم القرآن : 87 ـ 88.
(73) مقدمتان في علوم القرآن : 81.
(74) مقدمتان في علوم القرآن : 85 ـ 86.
(75) مقدمتان في علوم القرآن : 75 .